دنيا تانية

كنت فى منتصف العقد التانى وقتها أنهيت دراستى بكلية الاداب وشرعت فى أكمال الدراسات العليا فى قسم الفلسفة جامعة الزقازيق .كان جل ماأحلم به أن أصبح دكتورة فى الفلسفة السياسية وأدرسها وأصبح معلمة للأجيال الصاعدة بالجامعة ولكن أصابنى الغباء الذى يصيب كثيرا من الفتيات فى هذا العمر وهو الحب أحببت طالب بكلية التجارة ولكنه كان يرسب فى الدراسة وتهيئ لى أنه سيتغير من أجلى وينجح ويعمل فى مجال دراسته بعد التخرج أو حتى نرتبط ويسافر الى الخارج لنبنى مستقبلنا سويا .الصراحة جميع من حولى من أصدقائ وأهلى لم يحبزوه هذا الارتباط فكانوا يعملوا جيدا اننا من عالمين مختلفين فأنا متفوقة وأعشق النظام والنجاح وهو يعشق السهر والسفر مع الاصدقاء وليس لديه أى أهداف تذكر وحذرونى ولكننى تخيلت أنه تحدى وأنتى سافوز و أنجح فى المعركة ولكننى لك أدرك أنها معركة أنا الوحيدة التى أحارب فيها واكتشفت فى النهاية أننى احارب نفسى.
تزوجها وهو لم ينهى دراسته بعد وبعد الزواج الحمل والأطفال وبعد مجهود كبير وأصرارمنى على النجاح حصل على البكالوريوس وقتها كنت قد رزقت ببنتان وفارق السن بينهما اربع سنوات وبدأت الرحلة بعد ذلك فى أصرارى عليه فى ان يعمل بشهادته فى اى عمل أوشركة ولكنه كان يهوى المشاريع ورغم نصيحتى له على ان يعمل فى المجال الذى يجيده وهو الحسابات ولكنه أصر دخل مع أصدقاؤه مشروع وفشل ومع أقاربه وفشل وأخيرا مع أخوته وهنا وقفت أمامه وحذرته ولكنه أصر فى الأساس علاقتى مع أهله ليست على أحسن حال هم يتدخلون فى أدق تفاصيل حياتنا وبالاخص أننا نعيش معا جميعا فى نفس العمارة كل اخ فى شقة وحماتى وحماية فى نفس المنزل وفى الاصل حماتى هى خالتى .لم أذكر فى الخمسة عشر عاما زواج أننى أدخلتها فى أى مشكلة بينى وبين زوجى وقد انصفتنى او حتى أعتبرتنى مثل أبنتها ولو مرة دائما كانت تأخذ صفه هى وزوجها .المهم لم يستجيب لكلامي وشارك أخوته وبدأت المشاكل والمضايقات وزادت المسافات بينا وبينه والمشروع فشل وأصبحنا لا نجد ما يكفى احتياجاتها وعدد الاولاد أصبح أربعة ومن كثرة المشاكل أوشكت على الطلاق وأصر هو على الايعمل فى اى عمل اخر اصبح حالتنا يرثى لها ..
كنت فعلا صممت على الطلاق بعد تعدد أنواع المشاكل المادية والغير مادية ..وفجأة علمت أن أمى مصابة بمرض السرطان وقتها تركت كل شئ خلفى حتى أولادى وبدأت مع أمى مشوار علاجها اولا الكيماوى وكل مراحله عشنا سويا الالام والاحزان والانتظار والامل تشاركنا الدموع والطعام حتى النوم وقتها أخبرنا طبيب الاورام أن أمى يلزمها علاج جديد أسمه العلاج الموجة هى جرعات من حقن الهيرسبتن ويجب أن تستمر عليها مدة عام كامل .بالفعل بدأت فى إجراءات التقدم بقرار وزارى للمجالس الطبية ليوافقوا على صرف الدواء مرفق بع الاشاعات والتحاليل وكل الاوراق المطلوبة ولكن جاء الرد بالرفض لان أمى تخطت الستون عام ..بعدها رفعت شكوى فى كل الصفحات الخاصة بوزارة الصحة وأيضا سجلت شكاوى متعددة فى رئاسة مجلس الوزراء ولكن جاء الرد بأن أصطحب أمى ونذهب أى محافظة أخرى بها مبادرة الرئيس السيسى السرطان الثدى .
ومع تأكيد الطبيب المعالج على العلاج الموجة وضرورته لحالة أمى أضررنا للذهاب من محافظتنا الشرقية الى محافظة دمياط ..
بالفعل قبل المعهد فى دمياط حالة والدتى وأجرت العملية بالمعهد كنا انا وهى أول يوم فى رمضان بالمعهد تجرى هى الجراحة وأنا مرافقة معها نمت يومها تحت قدميها كنت أشعر أننى فى أمس الحاجة لها أكثر بكثير من أحتاجها لى .طبعا كنت قد تركت بناتى الثلاثة مع والدهم وابنى البالغ من العمر ثلاث أعوام مع أختى التى كانت مقيمة مع أمى وأبى وابنها الذى يكبر ابنى بعام فقط فكان زوجها مسافر خارج البلاد .
أضررنا أن نسكن فى دمياط وبما أننا لا نعرف أحدا بها استأجرنا شقة برأس البر واستغلينا الفرصة حتى ترتاح نفسية أمى بعد الجراحة والعلاج الكيماوى الصعب جدا عليها وعلينا..
وقتها لم نجد أحدا يدعمنا سوى أقارب معدودين وعن طريق الهاتف فقط حتى أهل زوجى وهم أيضا أهل والدتى لم يسأل عنا أى أحد وقتها شعرت بمرارة وهزيمة وشعرت أن زوجى ليس له أى معزة ولا أهمية لدى أهله لأنه أن كان ذا أهمية كانوا أهتموا لامرى انا واهلى ونحن فى أصعب الظروف ومع أصرار زوجى على عدم العمل وحالتنا المذرية .
قررت الانفصال وقتها ظهرت نتيجة القرار الوزارى بالقبول أن تستكمل أمى العلاج الموجة على نفقة الدولة ويصرف من معهد الاورام بدمياط.
أضطرت امى للبقاء فى دمياط وانا رفضت العودة وتركت أولادى لابيهم وبحثت عن عمل حتى املئ فراغى وأكفل مصاريف نفسى ورغم الصراعات التى عشتها بسبب قرارى مع أمى وأبى الا أننى صممت على موقفى وقررت الانفصال كانوا يذكرون دائما بأولادى وانا أحاول أن أقنعهم أن الحياة أصبحت مستحيلة مع زوجى وحينما أقف على رجلى وااعمل وأحصل على معاش سوف أسترد أولادى وااتكفل أنا بهم .
بالفعل عملت فى صيدلة فى مجال لم أكن أعلم عنه شيئا وهو الدواء عافرت وذاكرت كى أتعلم وفى الاساس كنت أكتب قصص وأشتركت وقتها فى مسابقات أدبية كثيرة كانوا يعرضون عليا فرص للنشر مناصفة وفجأة قدمت فى مسابقة لنشر رفيوه عن أى عمل من أعمال العراب أحمد خالد توفيق قدمت برفيوه لكتابه قصاصات قابلة للحرق وفوجئت أننى ربنا المركز الأول لم تستنى الفرحة وبعدها نمى شغف الكتابة وقررت النشر ونشرت أول عمل أدبى لى وهو كتاب لأجل فنجان قهوة يحتوى على سبع قصص خفيفة وشيقة وتحقق حلمى أخيرا جاء أيضا زوجى وعرض عليا هدنة للتفكير وأستأجر لى شقة برأس البر وجاء بأولادى من الزقازيق وعمل محاسب بشركة أقمشة بالمنصورة وكان يأتى لزيارتنا كل اسبوع مرة فى الاجازة باحثا عن بداية جديدة ولكننى الان مع اولادى ومع أمى وحققت حلما كان بعيد المنال وأيضا أصبحت أأمرأة عاملة وأخلص كل يوم على معلومات جديدة فى مجال الدواء وأعيش فى أحب الأماكن الى قلبى ..نعم خسرت حب العمر لأنه كسر قلبى لكننى تعلمت أخيرا أن أحب نفسى ..كل ما أريد قوله لأى فتاة تفكر فى الزواج الزواج شركة لابد فيها من تكافئ الأطراف ومشاركة الأحلام والطموح وتحقيقها وحمل المسؤلية مناصفة لن تستطيعى أن تحملى المسؤلية وحدك ولن تسطتيعى أن تغيرى شخصا تربى وكبر واستقام عوده على فكر ومبادئ معينه لن يتغير لمجرد أنكى تتوهمى أن الحب هو المفتاح لتغييره يحب أن يكون هو مقتنع بالتغيير .

الان أنا أشعر بالسعادة وأخيرا فى الدنيا الجديدة التى منحنى الله اياها بكثرة دعائ وببري بوالدتى ولديا حلم أخر أكبر أن يفتح كل مستشفى أو معهد للاورام مكان للدعم النفسى لمرضى السرطان هذا هو مشروعة الذى أحلم أن أحققه لنساعد به كل مريض لان الدعم النفسى لمريض السرطان يسبب أستجابته للعلاج ..
شكرا جزيلا لإتاحة الفرصة بمشاركتى فى المسابقة ..وأرجو من الله أن أجد داعما يحثق لى مشروعى الذى أحلم به ومستمرة فى الكتابة ان شاء الله ..
ندى الدسوقى..

شاركي من هنا

مقالات ذات صلة

دمياط رايح جاى

القصة بدأت لما عرفت أنا واسرتى الصغيرة اللى هى أمى وأخواتى الاربعة وأبويا أن والدتى مصابة بالسرطان فى الثدى وكان يوم عيد ميلادها وانا متزوجة…