أنا غير أنا الخير

أنا غير .. أنا الخير
ابدأ من أين!!
هل ابدأ من لحظة ولادتي عندما علم والدي أنني أنثى فلم يكترث وأكمل نومه؟
أم ابدأ من يوم ختاني وأنا طفلة والجرح الغائر في نفسي ما زال ينزف؟
ابدأ من كوني أنثى في مجتمع لا يحترم العدل والحق .. مجتمع أختار ضحيته مسبقاً ولم يسألها القرار ..
نشأت في حي شعبي ولبست مثل الذكور لأُرضي أبي واسلم من نظرات الآخر ولكن ملابسي لم تمنع أنوثتي من الظهور .. ولكني تحملت واكملت مشواري مثابرة حتى أنهيت دراستي بأكاديمية السادات بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف .. وكأن الدنيا تعاندني لم أجد وظيفة لم تسعفني واسطة ولم تعفيني شهادتي من الذل و الهوان في وظيفة مندوبة مبيعات بأجر زهيد ومواجهة سخافات البشر بدون أجر أو حسيب.
والآن عرفت من أين سابدأ ..
سابدأ من يوم أن احترق محل تجارة والدي وموته قهراً وكمدا وتركه أسرة مكونة من سبعة معلقة في رقبتي وحدي .. وكيف حولت رماد الحريق إلى نور .. عن محاربتي وحدي لاشباه الرجال حتى استخلصت حقي وحقي من في رقبتي من براثنهم.
ساتكلم عن مواجهتي لوزير سابق في مؤتمر حزبي وارغامه بالحجة والبيان على تعييني في وظيفتي الحالية وكيف كنت خيرا لمن حولي.
وكأن الدنيا تعاندني .. حتى تلك الوظيفة كان يحتلها الذكور وكأنه غزو عثماني يأتي على الأخضر واليابس .. ولكني تحملت وترقيت بمجهودي وبدون وساطة
لن أتكلم عما تعرضت له من مضايقات وتحرشات في المواصلات العامة والخاصة فهذا كان مصير جيلي كله من الفتيات ولكني سأتكلم عن تنمر الآخرين عليا بسبب لون بشرتي الداكنة ووسطي الاجتماعي الشعبي .. تنمر من الأقارب قبل النسايب .. ولكني كنت خيرا لمن حولي
ساتكلم عن زواجي عن اختياري .. فعندما قررت الزواج وتكوين أسرة لم أختار المظهر بل الجوهر ولم اختزل المعنى في وفرة المال ولكن في وفرة العقل والفكر .. أخترت زوجي رغم اعتراض الآخرين .. وكان اعتراضهم لأنه من ذوي الهمم ذو بتر في ساقه اليسرى إثر حادث قديم ولكني لم اكترث فقد تزوجته اقتناعا بأنه إنسان قبل أي شيئ ووقفت بجانبه حتى حقق النجاح في عمله وفي إثبات ذاته حتى كتب أول رواياته .. واحتفلنا بها جميعاً بناتي وابني وزوجي وسنحتفل قريبا بمرور أربعة عشر عاماً على زواجنا الذي لم يكن سهلاً .. الحياة ذاتها ليست سهلة والاكثر أهمية هو ما اضفته إليها على مرور الزمن.
لقد تلقيت الكثير من صفعات الحياة و الكثير من الخذلان و لكني لم و لن استسلم عندما كانت تصفعني الحياة اقف جسورة في انتظار الصفعة القادمة غير مبالية و اكثر إصرارا علي تحقيق حلمي

عندما أقول أنني الخير فهنا لا أقصد نفسي فقط ولكني اقصد الانسان بوجه عام استنادا لقوله عز و جل
بسم الله الرحمن الرحيم
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَٰكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ صدق الله العظيم .

فقد تحملنا ما لا نطيق وما زلنا نتحمل ونتحامل على أنفسنا لإكمال ما بدأناه فما زال الطريق طويلا صعباً.

أنا الأنثى أنا غير .. ما انتوا شايفيني .. أنا مش عبء على حد و لا كمالة عدد .
لقد خلقني الإله لحكمة لا يعلمها إلا سواه .

أنا الأنثى أنا الخير .. أنا إللي براعي الغير و بدادي وأربي واستحمل كتير واخفي .. أنا إللي شايلة الخير للدنيا وحملي تقيل ومعبي
و مازال للقصة بقية نكملها المرحلة الجاية

أنا غير أنا الخير ..

شاركي من هنا

مقالات ذات صلة