الحكايه….. مهند

الحكاية…مهند.
أقليلٌ على القلب أن يرسم بالشموع الدرب ..!
يذوب بين حد الانبهار….وحد الاختيار …بين دفتى أملٍ وقدر…!
لم أكن أعلم حين اسميته “مهند”ان حظه من اسمه ..سيف يقطع كل غُصّة وألم ..ذاك الصغير ابن الجنوب حفيد الفراعنة والعقاد …وُلِد اول فرحتى وعائلتى ..وأنا آخر العنقود تلك المدلله التى يتوقون لوليدها ..هل يشبهنى؟..يشبه اباه؟..كيف ستكون اول نظرة ..اول ابتسامة …؟
رأيته ..ولم يرنى…!!!فى تلك اللحظة رددت كل جوارحى ..”الحمدلله… الحمدلله”..تلاها شعور خفى بهدوء ورضا وفرحة ربانية ،لم أعى معناها الا بعد مرور بضع سنوات ..
جلست أهدهده وأغنى “إحنا حبايب ربنا..إحنا محدش قدنا”
وبدأت وزوجى رحلة بحث عن قبس من نور لدى الاطباء واستقر الامر أن “المهند ” بعين لاترى والأخرى ترى نور وظلام فقط …فعقدت العزم بعون الله أن أكن عينه التى يرى بها وألوانه التى يميز بها نسيم الهواء فجرا وملمس الندى على اوراق الشجر ..حرارة الرمال صيفأ ..رائحة الشتاء ..قياس المسافات ليتمكن من الاعتماد على نفسه فى الحركة بين الاماكن ..كنت احرص على تنميةالحواس الاخرى ومسميات الاشياء وعكسها كبديلا عن نقص حاسة الابصار… كان مركز الامومة والطفولة جامعة عين شمس خير معلم لى ..فحين نستعين برب الناس ..يسخر لنا كل الناس..وواصلت سباقى مع الايام فكنت اصحبه من مدينة العاشر من رمضان محل اقامتى حيث اعمل مدرسة بالقاهرة بنصف اجر لتوفير نصف الوقت الأخر لجلسات التأهيل وتعليمى معه مهارات الكتابة بطريقة برايل ، بلغ الصغير عامه الخامس ذكياً حافظاًجزء “عم” واقترب موعد التحاقه بالتعليم الابتدائى ، كان لزاماً علينا ان أهجر مسكنى الذى شهد أجمل أيامى لأنتقل إلى القاهرة مدرسة “طه حسين “للمكفوفين فلا يوجد مدارس محل سكنى ..وفى تلك المدرسة حاز” مهندى ” حب واحترام مدرسيه لخفة ظله وفصاحته وتفوقه وكأنه يرى بوضوح كل شئ ..إلى أن أتى يومٌ موعود اكتشفت إصابته “بنوبات كهرباء زائدة”..! لعله خير ..وقد كان كل الخير ..فقد اوصت طبيبته بممارسة السباحة والموسيقي ..وبفضل الله وفى خلال عام ونصف حصل على بطولة الجمهورية ..كما اصبح صولو بدار الأوبرا وتمكن بصوته الجميل من الفوز فى عديد من المسابقات كمهرجان الموسيقي العربية وتالنت بالعربى ..وتم ترشيحه للمشاركة بحفل قادرون باختلاف كسفير للطفولة وبكل ثقة وثبات طلب من رئيس الجمهورية ان يتم تدريس مادة احترام الأخر فى المدارس والجامعات ،وتمت الاستجابة بجملة من الرئيس لن أنساها “فوراً يامهند”
وتم بالفعل اصدار الكتاب وصار مهند ضيفاً اصيلاً على كل الفضائيات وندوات بالجامعات ومؤتمرات بالوزارات المعنية متحدثا عن حقوق اصحابه بمختلف اعاقاتهم وله برنامج بعنوان “قصص مهند”يحكى فيه محتوى كتاب “القيم واحترام الأخر “..عام بعد عام وحان موعد حفل قادرون باختلاف ٣..كان عليه ان يشكر سيادة الرئيس على هذا الانجاز ونجاح التجربة وحظى من خلال الحفل بوعد للمشاركة فى المسلسل الرمضانى “دايما عامر “كنجم ومطرب باللغتين العربية والانجليزية وحاز اعجاب النقاد والجمهور ..الآن ونحن فى العام الرابع عشر نواصل الدراسة والفن والرياضة والتفاعل المجتمعى واللحاق بدفعة جديدة للانشاد الدينى ودراسة المقامات الموسيقية .. .. طه حسين الصغير كما يحب ان نناديه غير مفاهيمنا الحياتية ..والده وانا ودفع اخويه الاصغر للتفوق الدراسي والرياضى ليثبت مهند لنفسه وللعالم انه فى معترك الحياة ينتصر الممكن على المحال ..وأن لنا فى مهند …حكاية .

شاركي من هنا

مقالات ذات صلة