مسلسل ليه لاء. يناقش قضايا المرأة المصرية

مسلسل ليه لاء

في عام 2020 توالت الأعمال الفنية المعروضة على المنصات الفضائية المدفوعة، وكان من بينها مسلسل ليه لاء؟ الذي أثار الكثير من الجدل حوله بما يعرضه من تجربة تعد غريبة على عادات المجتمع المصري.

فنجد أن الآراء انقسمت حول هذا المسلسل ما بين رافض تماما للأفكار التي يروج لها باعتبارها تهدد استقرار الأسرة المصرية وتدعوا الفتاة المصرية للخروج من كنف أسرتها،

وبين مؤيد للتجربة ويراها إيجابية لكونها تعزز من ثقة الفتاة بنفسها وتعلمها كيف تتحمل المسؤولية وتدافع عن حقوقها وأحلامها.

تنويه: هذا المقال يحتوى على حرق لأحداث مسلسل ليه لاء.

ولكن مهما اختلفت الآراء حوله، فيظل مسلسل ليه لاء تجربة فنية فريدة من نوعها، واستطاعت الخروج عن الصندوق للتطرق نحو العديد من القضايا التي تهم المرأة المصرية؛

ولذا نرى أن مسلسل كهذا يستحق الدراسة عن كثب لنظهر إيجابياته وسلبياته على الأسرة المصرية ككل وليست السيدات فقط، ولنلقي الضوء على القضايا الشائكة التي يناقشها في إطار العمل التلفزيوني.

القصة القائم عليها مسلسل ليه لاء؟

تدور أحداث المسلسل حول فتاة اسمها “علياء” عاشت كل حياتها منقاضة لرغبات أسرتها وأوامرهم دون أن يكون لها رأي في تحديد أي قرار مهم يخصها بما في ذلك شريك حياتها.

وكل تلك الضغوطات تدفعها للهروب ليلة عقد قرانها رافضة اتمام الزواج مما يجعلها محط للوم والاستنكار من قبل أهلها.

ولكن “علياء” لا تتراجع عن موقفها، وتبدأ حياتها تتغير منذ اللحظة التي تستلم فيها دعوة للمشاركة في إحدى المسابقات العالمية التي تشترط عليها اتخاذ قرارات هامة بشأن حياتها مناقضة تماما لكل ما فرضته عليه أسرتها.

وهذا ما يجعلها في صراع معهم طوال أحداث المسلسل، وخاصة أن “علياء” كانت مصرة على تغيير حياتها والفوز بالمسابقة واجتياز كافة التحديات.

أهم القضايا التي ناقشها مسلسل ليه لاء؟

ينصب تركيز مسلسل ليه لاء على الفتاة المصرية البسيطة وما تتعرض له من هدم لآمالها وطموحاتها طوال الوقت، وشعورها بأن حياتها ليست ملك لها وقرارها دائما بيد من حولها.

فيعرض لنا نموذج لإحدى الفتيات قررت أن تقول لأ، وتتمرد على نمط المعيشة التقليدي هذا والخانق لأحلامها ليرينا كيف يمكن للفتاة أن تنجح وتخلق لنفسها كيانا وتعيش راضية عن نفسها وسعيدة بما تفعله من دون أن تستغل حريتها بشكل خاطئ.

فحرية البنت لو استخدمت بشكل ناضج وسليم ستكون النتيجة الإبداع والنجاح في الحياة، وليس جلب العار كما يتخيل الكثيرين.

وفي خلال إطار المسلسل الذي يصور لنا رحلة تحول الفتاة من الاتكالية التامة إلى الاستقلالية والاعتماد على النفس نجد أن مسلسل ليه لاء قد ناقش العديد من القضايا التي تعاني منها الفتيات في مصر، ومن أهمها: –

  • الإجبار على الزواج.
  • منع الفتاة من السكن بمفردها.
  • عمل الفتاة بوظائف صعبة.
  • عدم مطالبة الفتاة بحقوقها.
  • إهمال الزوج لرأي ورغبات الزوجة.
  • المعاملة العنيفة وضرب الزوجة.

أولا/ الإجبار على الزواج

نلاحظ أن مسلسل ليه لاء يتناول قضية إجبار الفتاة على مسالة الزواج والضغط عليها للقبول بأول شخص يطلب يدها للزواج بحجة أنه عريس مناسب سواء ماديا أو اجتماعيا دون النظر إلى رغبة الفتاة نفسها، وإن كانت تتقبل هذا الشخص كشريك لحياتها القادمة أم لا؟

فالأهل لا يهتمون بمشاعر وعواطف ورأي الفتاة في العادة وينظرون لها كأنها أشياء مهملة لا قيمة لها، والأهم بالنسبة لهم أن تتزوج الفتاة حتى تصبح في المجتمع متزوجة وتنتمي لرجل ما مثل ابنة خالتها وعمها فلا يقال عنها عانس.

ويزداد الضغط على الفتاة الثلاثينية بشكل خاص، فمن نظر المجتمع أن الفتاة عندما تصل لهذا العمر دون أن تتزوج بعد فهذه كارثة.

فتتحول الفتاة من إنسانة لها حقوق إلى عار يجب التخلص منه بسرعة عبر زواجها لأي شخص سواء كان مناسبا لها أم لا طالما سيتم التخلص عن لقب عانس الملتصق بها.

وصور مسلسل ليه لاء ذلك بعلياء التي لم تكن تشعر بالسعادة مع خطيبها الذي فرضه عليها أهلها لأنه مناسب من وجهة نظرهم، ولكنها لا تستطيع الاستمرار فترفض التوقيع على عقد زواجهما وتقولها “لأ” صريحة.

ثانيا/ منع الفتاة من السكن بمفردها

في مجتمعنا المصري تحتم العادات والتقاليد على أن تظل الفتاة تسكن في بيت أهلها طوال عمرها لحتى اليوم الذي تتزوج فيه فتنتقل إلى بيت زوجها، ولكن قبل ذلك فليس من حقها أبدا الاستقلال بسكن خاص بها.

وهذه إحدى القضايا التي القى مسلسل ليه لاء الضوء عليها، فكان أول شرط للمسابقة أن تقوم “علياء” بالسكن بمفردها، وبالرغم من صعوبة اتخاذ قرار كهذا كأن تترك فجأة غرفتك الآمنة والمكان الذي تربيت به لسنوات لتنتقل إلى مكان مختلف تماما.

ويكون عليك السكن بمفردك، والاعتماد على نفسك في توفير كافة الأساسيات الحياتية التي تحتاجها، إلا أن “علياء” نجحت بهذا الأمر واستقلت فعلا بنفسها ولم تتأثر بكافة التهديدات والصعاب التي فرضها عليها أسرتها.

ثالثا/ عمل الفتاة بوظائف صعبة

دائما نجد اعتراض واستنكار من المجتمع على عمل المرأة في بعض الوظائف الصعبة التي يتم وصفها بأنها أعمالا لا تليق إلا بالرجال.

ولكن بعض الأحيان فإن الظروف الحياتية تحتم على المرأة العمل بمثل هذه الوظائف وتتحمل كل متاعبها ومشاقها لأن الهدف من ذلك يكون قويا وأكبر من مجرد تحقيق الذات.

فالمرأة المصرية في أوقات كثيرة تكون هي المعيل الأساسي لأسرتها، وعليها أن تعمل بالوظائف المتاحة لديها مهما كانت طالما لا تخدش حيائها ولا تتعارض مع تعاليم الدين.

وفي مسلسل ليه لاء، وبعد أن تسبب عم علياء في طردها من وظيفتها كوسيلة للضغط عليها حتى تتراجع عن قراراتها الأخيرة، فتجد علياء نفسها دون مصدر دخل وبحاجة ماسة لعمل آخر حتى تتمكن من دفع إيجار السكن وتوفير احتياجاتها.

فحينها تأخذ قرارا بالعمل في وظائف صعبة مثل سائقة للسيدات، ونادلة في مطعم.

رابعا/ عدم مطالبة الفتاة بحقوقها

ودوما مطالب من الفتاة أن لا تطالب بحقوقها وأن تكتفي بما يعطى لها مع أن ديننا الإسلام أكفل للمرأة حقوقها، ولكن العائلة المصرية اعتادت على أن تتعامل مع الفتاة أنها أقل شئنا من الولد، ولا تستطيع أن تتصرف بشكل جيد في أموالها وممتلكاتها ولذا فإدارتها تترك في يد الرجل.

ومع أن علياء كان لها نصيب شرعي في مصنع والدها، ولكن عمها المسؤول عن الإدارة كان سهلا عليه حرمها من حقوقها، وطردها من ممتلكاتها؛ ولكن بطلتنا في مسلسل ليه لاء تعلمت كيف تدافع عن حقها وتطلبه وأن لا تدع أحدا مهما كان يسلبها إياه.

خامسا/ إهمال الزوج لرأي ورغبات الزوجة

ويبقى إهمال الزوج لرأي ورغبات زوجته من المشكلات الشائعة في مجتمعنا المصري، فالأهم هو قرارات الرجل ورغباته في حين أن اهتمامات المرأة ورأيها يعتبر مجرد كلام فارغ لا أهمية له،

وهذا يتناقض مع أساس الحياة الزوجية التي يجب أن تكون قائمة على التفاهم والحوار والاحترام بين الزوجين.

ونرى هذا المثال في مسلسل ليه لاء؟ متجسدا بوضوح في شخصية “خالد” الزوج المتعصب الذي لا يهتم إلا برأيه كرجل، في حين يتعمد إلغاء شخصية زوجته “رضوى” تماما، فلا يهتم برأيها أو حتى التنازل قليلا من أجل سعادتها.

فيفرض عليها قطع علاقتها بصديقتها “علياء” لمجرد استنكاره لأفعالها، ولا يهتم بدموعها وأحزانها مهما توسلته.

سادسا/ التعامل العنيف وضرب الزوجة

ولا يمكن القبول أبدا باضطهاد الزوج لزوجته وضربها وإفقادها إحساسها بكرامتها، ولهذا شرعت القوانين التي تعاقب الزوج الذي يتطاول بالضرب على زوجته ويسبب لها أي شكل من أشكال الأذى الجسدي.

وهذه القضية الحساسة تناولها مسلسل ليه لاء من ضمن القضايا الأخرى المتعلقة بالمرأة المصرية، فتم تصويرها من خلال الزوجين خالد ورضوى.

فالطرف الأول يتمادى أكثر مع الوقت في طغيانه وتسلطه، بينما الزوجة تزداد إذعانا وخضوعا له بشكل مهين حتى تتطور العلاقة بينهما من مجرد الأذى النفسي إلى الأذى الجسدي وذلك عندما يتطاول عليها بالضرب.

ونستخلص مما سبق أن مسلسل ليه لاء؟ كان بحق نصيرا للمرأة ومدافعا عن حقوقها ومبرزا لعادات كثيرة ترسخت في مجتمعنا تضرها وتسلبها كينونتها.

وستبقى كلمة لأ هي العدو الأول للمرأة التي تجعلها محتجزة في خانة السكون والطاعة للتقاليد والعادات لتظل دوما أسيرة لقضبانهم.

المصادر:

شاركي من هنا

مقالات ذات صلة

الردود