الرئيسية › المنتديات › شاركي قصتك › حكاية وعى
منذ اللحظات الأولى التى أعى فيها أسرتى وأفكارها ووضع طبقتنا .. شعرت بالغربة الكبرى وكان تصنيفى فى العائلة السمراء لأن أغلب فتياتها ياخذن البشرة البيضاء التى تنتمى لجذور تركية وكأنى أنتمى لعائلة الملكة اليزابيث .. ولكنى كنت أترك كل ذلك خلف ظهرى وأجلس مع جدى نقرأ سويا ونشاهد حمدى قنديل فى قلم رصاص ومن سيربح المليون وكلما شعرت بقوة عقلى الذى ينمو عن من حولى شعرت بقوة طاغية فارقة فى صمتى وكلامى وإيماءاتى وحركاتى وأصبحت الفتاة الأكثر ثقافة فى كل مدرسة أدخلها وألملم كل جوائزها ببساطة ولاننى الحفيدة الكبرى فى العائلتين كانت أنظار الجميع مسلطة على مجموع الثانوية الذى جاء بعكس كل التوقعات ربما لأن أمى كانت بالمشفى وكنت أعمل فى منزلنا بجانب الامتحانات .. لااحب ان أتذكر أى مرحلة أليمة كيف مرت خاصة انى طردت من البيت بعدها وظللت أدافع عن نفسى وعن تفوقى حتى لحظة كتابة هذه السطور وانا متأكدة أن أغلب الفتيات فى قصصهن الملهمة سيذكرن كيف كانت الثانوية سببا ملهما لتغيير الحياة .. ولأننى الخطيبة دخلت إلى صحافة الزقازيق بعد رفض أبى ذهابى للقاهرة وقامت ثورة يناير وتركت امتحاناتى إلى الميدان لأكتشف وعيا جديدا لاأراه فى عائلتى وجامعتى المنغلقة .. وأصبت فى ذراعى ودخلت باقى امتحاناتى لا أطيق أى شىء مما يحدث ولكنى حينها فقط تعلمت أن عائلتى لاتملك الحقيقة المطلقة وأن فى القاهرة عوالما تستحق الاكتشاف .. حاولت الذهاب لأكبر جريدة مشهورة للعمل بها بعد تدريب وتحمس لى مدير تحريرها وحادث امى ولكن كان موسم تزاوجى بعز أوانه مشتعلا فأتوا بى رغم تقديمى فى معهد الموسيقى العربية ومعهد اعداد الدعاة المتجاورين برمسيس وتم فصلى بالطبع واعددت دراساتى العليا بالمنصورة .. ومازالت عيونى متطلعة ترفض مايحدث لى فأنشئت جريدة محلية ببلدتى واصبحت رئيس تحريرها فى عمر الثالثة والعشرين وجاءنى مرشحين الانتخابات بالرشاوى والابتزازات والتحرشات فلم يتحمل بيتى وتركت العمل ولم أستسلم فاستضفت نشاط كان يصنعه شباب الثورة اسمه اللمة فى مكتبات مصر العامة ومن بعدها أنشأت الصالون الأدبى ثم العلمى وأصبحت رائدة الأنشطة فى بلدتى ولكن كل ذلك لم يشبعنى وانهيت دبلومة الإعلام وجاءت مجددا سيرة تزويجى كأى فتاة ريفية تقترب من الخامسة والعشرين وكنت أجثو على ركبتى أتحايل كى لايوافقوا على تزويجى وتركى الى طموحاتى الكبرى حتى وصلنا ليوم عصيب هددت فيه بقتل نفسى ان أصروا على تزويجى وعدم السماح لى بالسفر للقاهرة ولم يتوقعنى أحد ولم أتوقع نفسى وانا المؤمنة بالله أن أضطر لهذا النوع من التهديدات الضعيفة ولكن هذا اليوم كان مليئا بالتهديدات النفسية والعنف الجسدى الذى مورس على لأول مرة بحياتى لدرجة لم أكن أدرى مااقول وافعل وذهبت إلى قرية أمى عند جدتى لاانطق حرفا بعد هذه الحادثة وقررت انى لن أبدأ عاما جديدا فى هذه الدائرة وضفرت شعرى وقصصته ثم تبرعت به لمرضى السرطان وباقى شعرى أزلته بماكينة شعر خالى التى تتركه بلا شعر .. كنت أكره كل شىء فيا ينتمى للانوثة وظننت أنهم بذلك سيتركونى وشأنى من سيرة الزواج وسمحوا لى بالتقديم أخيرا فى جامعة القاهرة حلم عمرى فى الباب المفتوح للطيفة الزيات ولما كنت تعلمت من تجربتى السابقة قدمت من ورائهم فى معهد السينما وكانت اول مرة لى وآخرها قبل ان اتم السادسة والعشرين وتضيع على الفرصة وتم قبولى بالمكانين وكنت امتحن صباحا بالمعهد وعصرا بالجامعة حتى بالعام التالى كانت الامتحانات فى المكانين مسائى كنت ادرب نفسى على سرعة الكتابة بالمنزل كى أمتحن نصف لجنة هنا ونصف لجنة هناك وساعدنى ان بين المكانين نصف ساعة كنت اقضيها فى الدعاء كى لااحرم من الامتحان اذا مر نصف الوقت ويحرموننى من دخول اللجنة .. كانت هذه الأوقات عصيبة جداا على حواسى الرقيقة كفتاة مدللة لاتعرف المواصلات ولا التحايلات الباكية لتثير التعاطف وكان الناس قساة فى المترو وفى الباص وعلى بوابات الدخول .. كنت احمد الله فى اليوم الذى أجد شخصية رقيقة ولو كانت بسمة بسيطة من عامل المترو لدرجة قررت كلما شعرت برحمة الله مع الناس احتفلت مع عمال المترو وكنت اجلب الموز موزعة عليهم كى انال فقط ابتسامة تهون على يومى الشاق .
انتهت الجامعة ولم أجد شيئا اتحجج به للبقاء بالقاهرة سوى العمل وكنت حينها اعمل مسؤول تسويق للكتب فى إحدى دور النشر بوسط البلد التى اتصلت فيها بكل الأجيال الثورية منذ جيل ثورة 19 الذى يترحم على زمن الملوك وثورة 52 الذى مازال ينفعل كلما أتت سيرة67 وكأنها حدثت البارحة ولم يتبعها أى نصر ووصولا لجيلى التعس وثورة 25 يناير وتابعتها فى 30 يونيو وتعرفت أكثر على كتابى المفضلين ووزراء الثقافة الذين كانوا يدرسوننى فى جامعة القاهرة وأكاديمية الفنون وهان على كل شىء سخيف قاسى وانا استمتع بكل هذا الزخم لكن يشى بى أحد من المقيمين بالقاهرة من عائلتى ويسجل له حديثه شخص كاره لحريتى ويشكك اهلى بى ليتخذه قرينة ضدى انى ادرس السينما وأخبىء على البيت نزواتى فى القاهرة وقاطعنى البيت وبعثت سرا لأختي أجلب ملابسى الشتوية لانى لااجرؤ على الذهاب لبيتنا ومواجهته وهو يخاصمنى وكنت قبلها بشتاء قد بعت جاكيت جديد كى أنتج لنفسى اول فيلم تسجيلى عن بلدى ولأننى شرقاوية معهودة بالكرم كنت ادفع مواصلات زملائى فى الذهاب والعودة وأصبحت بلا اى دفء لدرجة كنت ارتدى ملابسى الصيفية جميعها وأجلس طول الوقت تحت الشمس واتحاشى مشاوير الليل بلا جاكيت وكانت رفقتى فى السكن بشعة كانوا يسخرون من احلامى وكتبى التى تملىء الغرفة ومحادثاتى التى أتحدث فيها أحيانا بلاوعى بالفصحى وكنت عندما احللنى كنت أدرك اننى منبوذة فى أكثر من مجتمع وفقط كنت احاول أن أشعر اننى غيرت ردائى وجلدى لجلد المثقفين الذى يمتص التجارب للكتابة وبالفعل كتبت اول كتاب لى عن تجربة الصوفية والأولياء الذين كانت نفسى تهدأ فى صحبتهم خشية أن أضعف واذهب مع رفاق معهد السينما لسهراتهم المشبوهة بعدما نلت حريتى كاملة وهذا ماحمانى الله منه لانى كلما كنت ابتعد عن اهلى كنت اقترب من الله اكثر ليحمينى من التجارب السيئة ولكن زملائى فى السكن كانوا يتفننون فى مضايقتى ووضع قشر اللب فى طعامى وسرقة اشياءى ولانى كنت اعمل بمكانين .. مرة جرسونة وتارة بياعة فى مكتبة وادرس بالمعهد .. كنت انام قتيلة لاالاحظ شىء حتى حنت إلى امى عندما رأت نحولى فى إحدى الصور وأرسلت إلى وعدت مجددا لبيتى الذى عرفت قيمته وكدت فى أحيان كثيرة أضعف واقرر ترك السينما الذى كان ابى كلما رآنى قال لى اننى عار عليه ولأن من كنت اعمل لديهم كانوا ينصبون على ولايعطونى حقى دائما حتى أدخلت مرة وكيل المعهد فى قضيتى وفشل ان يفعل شيئا وتركت المعهد قبل التخرج بتيرم وكنت قبلها قد حاولت ان اجمع مالا من اصحابى لمشروع حاولت فيه نشر أدب الاطفال فى أكثر من محافظة واسميته باسمى الركن العبيرى لأدب الأطفال فى الدقهلية والشرقية والدقى وفيصل وشاركت فى اول معرض أطفال بالدقى وكنت ابيع الكتب مع ورشة احكى فيها ولكن تراكمت الديون وفشلت وعندما فتح البيت أبوابه لى ضعفت لاكلة ونومة طيبة وتركت المعهد وغضب منى كل من كان يرانى رمزا للقوة وأحرجونى وشتمونى ولم يسمعوننى فغضبت منهم لأنهم عاملونى كأهلى بنظرية الحصان الرابح فقط دون أن يفهموا مشاعرى الإنسانية وتجربتى التى لم تكن سهلة على الإطلاق وعدت وغيرت السكن وأخذت كورس للارشاد النفسى ليقوينى قليلا على مواجهات العاصمة الباقية وجاءت الكورونا لتغير كل الخرائط وكنت احمد الله على تخرجى من المعهد من البيت خاصة ان اهلى لأول مرة شاركونى موادى ولم يعد لديهم الاحتقار والامتعاض القديم وظننت أن الزمن بدأ يصالحنى ولو قليلا وتخرجت أخيرا وجاءت صورتى بالتلفاز ولم يبالى بى أحد ولم اسمع كلمة مبروك من اى فرد من العائلة وكنت الأولى على قسمى ولكنهم لم يسمحوا لى بالتعيين لصالح فتاة أخرى كانت صديقتى واسبق منى فى التخرج رغم تعيين أغلب دفعتى وظننت أن القاهرة لم تعد تريدنى وانا لم أعد أقوى على الدراسة بعد تخرجى من اربع جامعات مصرية وجلست اقرأ الكتب التى راكمتها أثناء عملى بمعارض الكتب وأكتب عن رموز الوعى واسجل فيديوهات عن الأدب والسينما والصحة النفسية على قناة اليوتيوب خاصتى وقد اصابنى زهد جميل فى كل صراعات العاصمة واستمتاع بآدميتى التى لاتفعل شىء سوى الاستمتاع بالطبيعة والكتب والأفلام وعندما هدأت الكورونا قليلا عملت لمدة تيرم فى حضانة وسددت بعض ديونى التى لايعلم بها اهلى ومازلت ابحث عن منحة تقبلنى أثناء فترة نقاهتى ولم يرحمنى اهلى من الصالونات وكنت ممنوعة من ذكر معهد السينما عند سؤالى فى خانة المؤهلات ولكن حدث منذ شهر ان اقامت البلدة معرضا للكتاب وذهبت كى احاضر فيه بصفتى صاحبة أفكار تنويرية وبالطبع لانى اول شخص من بلدى يدرس السينما ويصبح عضوا لنقابة السينمائيين وأكملت رحلتى معهم فى ايقاظ الوعى وظننت أن اول صالون لى سيجعلنى اخبأ كالمعتاد دراستى بالمعهد وقلتها وكان امامى طبيب شهير انسحب فجأة حين سمع بالأمر رغم دراسته بالقاهرة ووبخنى اهلى كالمعتاد وحاولت الا أشعر مجددا بشعور المنبوذة لأننى اعتدته ولانى اعرف أن مااريده لن أجده بالصالون لولا محاولاتى إرضاء اهلى ولأننى تأكدت أن هناك دوما فجوة بين التعليم والوعي وظننت حقا ان رحلتى تتلخص مابين هذين المعنيين وعاهدت نفسى مجددا على الاستفادة من كل موقف نبذنى خارجه أن احلله لصالح الأفكار التى اتمنى وصولها للناس .
مع دخول مارس بدأت حياتى بالتغيير قليلا بسبب مشاركتى فى المشروع الوطنى للقراءة ودخولى التصفيات بصفتى الطالبة الوحيدة من أكاديمية الفنون وحتى لحظة كتابة هذه الكلمات أنتظر مكالمة المنسق التى ستخبرنى عن تأهلى لتصفيات الجمهورية ام سأكمل رحلة بحثى عن المنح المجانية لاطور وعيى إلى الوعى العالمى الذى أطمح ودراسة العلاج بالفن كشىء يجب أن يتصل بوعى الشرقيين الذين لايزالون ينكرون أهمية الفن ويحتقرونه وفيه استشفاء لهم من قسوة الحياة .. وإن وافانى الحظ بالفوز بالمسابقة سأسافر كما دوما احلم بزيارة كل مكتبات العالم وان أحبنى الله واعطيت المليون جنيه وكنت الأولى فانى اتمنى تحقيق حلمين واحد على المدى القصير هو مهرجان للطفولة فى كل ربيع اجمع فيه كل الأطفال من كل الطبقات فى شهر أبريل فى كل حدائق القاهرة واملؤها بالألعاب العامة وحتى استضيف باعة الألعاب الصغيرة من ماركات اللعب الشهيرة حتى العاب سور الأزبكية وبجوارها مسرح وسينما ومكتبة للأطفال كلها بالمجان لكل أطفال الجمهورية من مختلف الطبقات خاصة اطفال الشارع وأطفال العاملين بالحرف والذين حرموا من طفولتهم بسبب الظروف وطبعا أصحاب الإعاقة الخاصة سأدمج الجميع سويا فى بوتقة الطفولة والمرح والفن وانتقى منهم المميزين وأسعى لتبنيهم وجمع الاستثمارات المتاحة لمستقبل افضل لهم وعن حلمى الثاني اذا اكرمنى الله وبعت اول سيناريو فيلم روائى طويل لى ان أفتتح مدينة مغتربات للحالمات من كافة الوطن العربى الذين لايؤمن بهم أهلهم وزجوا بهم إلى مؤسسة الزواج ساستضيفهم فى ماكلهم ومشربهم ومواصلاتهم تبنيا كاملا بلا مصاريف بشرط ان يتقدموا بمشروع حلم ناجح يريدون الوصول إليه وعندما يصلون يتبنون مغتربة من بعدهم للوصول وهكذا حتى تعرف الفتيات قيمة حرياتهن وطموحاتهن دون أن يضعهم المجتمع بين قوسى التمرد والعار بسبب سعيهن فى إيجاد أنفسهم والوصول إلى مايستحقون كما دوما أثق أنى سأصل لما أستحق باذن الله .